محرة أمل

في محاولة أخيرة للفكاك من الجلبة والضجيج هنا في الداخل من الذات ، في مجرتي أمنح نفسي الحرية لأطلق سراح مخيلتي وأفكاري .. فمرحبا بكل الأنسانيين في فضاءات مدونتي



الحب الآلهي ( موسوعة الحضارات )





نشأ مصطلح " الحب الآلهي " بمعناه القريب في الحياة الروحية في الإسلام في القرن الثاني الهجري ، وقد كانت الحياة قبل ذلك يحركها عامل " الخوف " من الله ومن عقابه ، وكان " الحسن البصري أبرز ممثلي هذا الطور في حياة الزهاد والعباد الأوائل ، فقد عرف عنه أنه كان يبكي من خوف الله حتى قيل " كأن النار لم تخلق إلا له " ، ويميل مؤرخو التصوف الإسلامي إلى القول بأن رابعة العدوية هي أول من أخرجت التصوف من الخضوع لعامل " الخوف " إلى الخضوع لعامل " الحب " ، وإنها أول من استخدمت لفظ " الحب " استخداما صريحا في مناجاتها وأقوالها المنثورة والمنظومة ، وعلى يديها ظهرت نظرية " العبادة " من أجل محبة الله ، لا من أجل الخوف من النار أو الطمع في الجنة ، وكان الصوفية قبل رابعة يترددون في قبول كلمة الحب ، فمالك بن دينار الصوفي ، كان يتحاشى لفظ " الحب " ويستخدم بدله كلمة " الشوق " ، ، وعبد الواحد بن زيد كان يفضل كلمة " العشق " في أقواله ، ومع رابعة بدأت كلمة أو مصطلح " الحب الألهي " تأخذ مكانها في أقوال الزهاد ممن جاؤا بعدها مثل : معروف الكرخي ، والمحاسبي ، والذي خصص لموضوع " المحبة " فصلا كاملا في كتابه " الرعاية " ، وذي النون المصري الذي فاضت مأثوراته بهذه الكلمة ، ثم استكملت نظرية الحب الألهي ملامحها وقسماتها بعد ذلك في مؤلفات كبار شيوخ المتصوفين مثل : التعرف للكلاباذي ، وقوت القلوب لأبي طالب المكي ، وكشف المحجوب للهجويري ، والرسالة للقشيري ، وإحياء علوم الدين للغزالي ، ولكنها أخذت أبعادا عرفانية وفلسفية بالغة التعقيد ظهرت أولا في تصوف الحلاج ، ثم اكتملت في أشعار ابن الفارض ، ومؤلفات الشيخ الأكبر ابن عربي ، وقد جمع القشيري في رسالته تعريفات عديدة لمعنى " المحبة الألهية " كما أحصى ابن القيم في مدارج السالكين ثلاثين تعريفا للمحبة بالمعنى الصوفي ، ومن الشيوخ من يرى أن تعريفها يستعصي على العبارة للطافتها ، وصاحب عوارف المعارف ( السهروردي ) يعرف الحب بتقسيمه إلى قسمين : عام وخاص ، الأول ثمرة امتثال الأوامر واجتناب النواهي ، وهو من " المقامات " ، لأن للسالك مدخلا في اكتسابه ، والحب الثاني (الخاص ) وهو ما ينشأ من انكشافات الروح ، وهذا النوع من الأحوال ليس للعبد كسب فيه ، . أما الهروي فيعرف المحبة بأنها تعلق القلب بين الهمة والأنس " بما يعني تعلق القلب بالمحبوب تعلقا حائرا بين طلب المحب لمحبوبه طلبا لا ينقطع ، وبين أنسه بمحبوبه ، وللمحبة درجات : الأولى محبة تقطع وساوس القلب ، وتلذ الخدمة وتسلي عن المصائب ، وتنشأ من ملاحظة العبد لنعم المولى الظاهرة والباطنة ، وثبات هذه المحبة بمتابعة النبي والتأسي به ، والثانية محبة تبعث إيثار الحق على ما سواه ، وتنشأ من مطالعة العبد للصفات الإلهية ، والارتياض بالمقامات الروحية ، والثالثة تنشأ من مشاهدة جمال المحبوب وفي هذه الدرجة يختطف قلب المحب وتنقطع عبارته وإشارته ، وحقيقة هذه الدرجة : الفناء في المحبة وفي الشهود ، والمحب إذا كان واعيا بحبه ومكتسبا له سمي " محبا " ، وإذا كان مختطفا بالحب سمي " عاشقا " ، والفرق بينهما فيما يقول شيوخ التصوف أن المحب مريد والعاشق مراد ، ونظرية الحب الألهي مستقاة في أصولها من معاني أسماء الله الحسنى وصفاته كالودود واللطيف والرحيم ، ومن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحدثت عن الحب الآلهي على سبيل المثال لا الحصر ، قوله تعالى ( يحبهم ويحبونه ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم ( اللهم اجعل حبك أحب إلي من نفسي وأهلي ومن الماء البارد ) .

زوار مجرتي

free counters
تعريب وتطوير حسن