محرة أمل

في محاولة أخيرة للفكاك من الجلبة والضجيج هنا في الداخل من الذات ، في مجرتي أمنح نفسي الحرية لأطلق سراح مخيلتي وأفكاري .. فمرحبا بكل الأنسانيين في فضاءات مدونتي



( ماذا يعني النبي محمد صلى الله عليه وسلم للمسلمين ؟؟ )



   لا تعجب حين ترى مليار ونصف من المسلمين يذرفون الدموع وجعا وحرقة عندما يساء إلى رسولهم الكريم ، ولا تعجب حين تراهم يشجبون ويقاطعون ويتظاهرون ويستنكرون ويحتجون ، ولا تعجب حين تراهم ثائرون مثارون من كلمة قيلت في حق نبيهم أو رسومات نشرت تشوه طهارته ، لا تعجب من كل هؤلاء فهي الأمة التي بشر بها نبي الله الكريم عندما قال ( طوبى لقوم آمنوا بي ولم يروني ) ، وهم الأخوة الذين اشتاق لهم وهو في لحظاته الأخيرة عندما بكى فسأله الصحابة رضوان الله عليهم : ما يبكيك يا رسول الله ؟ فأجابهم : اشتقت إلى إخواني ؟ قالوا : " أولسنا إخوانك يا رسول الله ؟" ، قال الكريم : " لا أنتم أصحابي، أما إخواني فقوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني " ، فماذا يعني النبي الكريم لأمة المسلمين بعد أربعة عشرة قرنا من وفاته ؟ وأي قوة نورانية هو تعبر التاريخ والقرون لتوجه وتعلم وتؤثر وتلهم الحضارات والأمم إلى الآن ؟ فيختاره ( مايكل هارت ) ، صاحب كتاب ( مائة رجل في التاريخ ) ليكون الأول لأعظم وأهم شخصية في التاريخ البشري ، وليمتلئ المهاتما غاندي أبو الهنود شوقا ولهفة لمعرفة الرجل الذي قال عنه " أنه امتلك قلوب ملايين البشر " ليضيف قائلا بعد أن انتهى من قراءة السيرة النبوية : " تمنيت لو أن سيرة النبي محمدا فصولا وأجزاء لا تنتهي " ، وليقول بعدها المستشرق الألماني( تريلي سانت هيلر ) في كتابه ( الشرقيون وعقائدهم ) متأثرا : " أن في شخصيته صفتين هما من أجل الصفات التي تحملها النفس البشرية : " العدالة والرحمة " .فكان عادلا ورحيما مع معاديه قبل صحابته وتابعيه ، فنقرأ بين دفتي سيرته يوم شجت وجنتاه وكسرت رباعيته ودخل المغفر في رأسه قال : (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ) وأكثر من هذا عندما أيده الله بالنصر على فلول مشركي مكة ، فقال لهم : ما تظنون أني فاعل بكم ؟ فقالوا : خيرا . أخ كريم ، وابن أخ كريم ، فقال : " اذهبوا فأنتم الطلقاء " وأكثر من هذا لما جذبه الأعرابي بردائه جذبة شديدة حتى أثرت في صفحة وقال : احمل لي على بعيري هذين من مال الله الذي عندك فإنك لا تحمل

من مالك ومال أبيك . فقال: المال مال الله وأنا عبد الله ، يقاد منك يا إعرابي مافعلت بي)فقال الأعرابي : لا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (لم؟)قال : لأنك لا تكافىء السيئة بالسيئة فضحك صلى الله عليه وسلم، فكان متسامحا وعافيا ، وهو أكثر من هذا في غزوة بني قينقاع جاءه رجل وهو نائم حتى قام على رأسه بالسيف فقال : ما يمنعك مني ؟ فقال " الله " ، فسقط السيف من يده فأخذ رسول الله السيف ، وقال : " من يمنعك مني ؟ " فقال : لا أحد ، فتركه الرسول ليعود لقومه قائلا لهم : جئتكم من عند خير الناس ، وهو أكثر من هذا حين صرخ رجل عليه في قسم قسمة : هذه قسمة ما أريد بها وجه الله ، فاحمر وجه ، وقال : " رحم الله أخي موسى قد أوذي بأكثر من هذا وصبر " ، وأكثر من هذا يوم خيبر جاءته يهودية بشاة مسمومة ... فجيء بها إليه فسألها عن ذلك فقالت : أردت قتلك ، فقال : " ما كان الله ليسلطك علي " ، قالوا : ألا تقتلها ، قال " لا " . وهو أكثر من هذا حيث تتبدى أخلاق الحرب ظاهرة في توصيته المستمرة لجيوشه فعن أنس بن مالك – رضى الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان إذا بعث جيشاً قال : ( انطلقوا باسم الله لا تقتلوا شيخاً فانياً و لا طفلاً صغيراً ولا امرأة ولا تغلوا وضموا غنائمكم وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور) ، وعندما رأى الرسول امرأة مقتولة وعلم أن قاتلها خالد بن الوليد، أرسل إليه من يقول له: "إن رسول الله ينهاك أن تقتل امرأة أو وليداً أو عسيفاً"، وعندما رأى امرأة مقتولة في مكة قال: "ما كانت هذه تقاتل" ونهى .

   فتتجلى صورة النبي في عقل المسلم كمجموعة من القيم الأخلاقية الإنسانية المثلى والمواقف السلوكية الراشدة ، التي لا تختلف عليها ديانات الأرض والسماء ، ولا تعاديها أو تستغربها الفطرة السليمة في أي مكان وزمان ، وهذا ما أشار إليه كبار كتاب ومؤرخي العصر الفيكتوري توماس كارلايل في كتابه ( الأبطال وعبادة الأبطال ) حين قال : ( أن رسالة هذا الرجل ( محمد صلى الله عليه وسلم ) صوت نابع من الفطرة . وإن الناس يصغون وينبغي أن يصغوا إلى هذه الفطرة كما لم يصغوا إلى شيء آخر ) ، وقد كانت رسالته كما وصفها (سنرستن الآسوجي ) أستاذ اللغات السامية في كتابه ( تاريخ حياة محمد ) بأنها : (معركة الحياة الصحيحة في وجه الهمجية والجهل ) ، فالنبي بدأ وحيدا وانتهى إلى إمبراطورية كبرى ما زال تاريخها في ماضيه يبلسم جراح حاضر المسلمين اليوم ، كان عظيما وبطلا ومحررا لعقول بشرية كانت تسجد لحجر وتمجد حجر ا وتضطلع في شؤون حياتها بحجر ، حمل في مضامين رسالته الخير والمكأفاة للمؤمن التقي الذي يتعايش مع أفراد مجتمعه بنية بيضاء فأرسى بذلك دعائم السلام الاجتماعي ، علمنا المحبة في كفالة اليتيم وصلة الرحم وومراعاة الجار والتماس العذر سبعين مرة لمن أخطأ في حقنا ( فمثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) ، علمنا العطاء للمسكين والسائل والمحروم وابن السبيل ولو كنا في خصاصة ، علمنا الرأفة والرحمة بالمستضعفين ، علمنا الصدق في القول والعمل ( عليكم بالصدق ، فإن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا ) علمنا الرفق بالفقراء والعجائز والإحساس بالآخرين ( فالله رفيق يحب الرفق ، فإن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه ، ومن يحرم الرفق يحرم الخير كله ) ، علمنا الرفق بمخلوقات الله الأخرى ، الرفق بالحيوان ( اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة ، فاركبوها صالحة ، وكلوها صالحة ) ، علمنا التواضع والحلم والعفو والأمانة والوفاء والكرم ، علمنا التفاؤل (فلا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل، وقالوا: وما الفأل يا رسول الله ؟ قال: الكلمة الطيبة ) فالبشاشة والايجابية أدام العلماء وسجية الحكماء ، علمنا الإحساس بما نفعله ( فمن سرته حسنته أو ساءته حسنته فهو مؤمن ) وأن لا نجزع ولا نخاف إن أخطأنا فبإمكاننا أن نبدأ من جديد ، فالله سبحانه وتعالى يفتح أبواب السماء للتائبين ( يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ، فكل ابن آدم خطآء وخير الخطاءين التوابون ) ، علمنا حب العمل والعلم ( ففضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ، وإن العلماء ورثة الأنبياء ، وأن الملائكة لتبسط أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع ) فلم يحارب العلم ،ودينه لم يورثنا العقد النفسية التي أورثتها البابوية ومحاكم التفتيش وسلطة الكنيسة في القرون الوسطى ، فكان من أهم إرهاصاتها العلمانية ، هكذا كان نبينا وهكذا أحببناه وأحببنا التجمل بحسن الخلق ( فأكمل المؤمنين إيمانا ، أحسنهم خلقا ) ، هكذا في نهج النبي وفي فكر النبي " صناعة الإنسان الأعلى " ( الذي يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) ، فبعد النبي محمد ، صرنا نبحث عن أنفسنا وحقوقنا داخل منظمات حقوق الإنسان ومحاكم العدل الدولية وهيئة الأمم المتحدة حتى نبرهن على أنا لسنا إرهابيين ؟



زوار مجرتي

free counters
تعريب وتطوير حسن