محرة أمل

في محاولة أخيرة للفكاك من الجلبة والضجيج هنا في الداخل من الذات ، في مجرتي أمنح نفسي الحرية لأطلق سراح مخيلتي وأفكاري .. فمرحبا بكل الأنسانيين في فضاءات مدونتي



الرئة المعطلة
 "أنت اليوم حيث أوصلتك أفكارك وستكون غداً حيث تأخذك أفكارك "



جيمس ألان


لست باحثة ، والكثير من قضايا الشرق أصبحت لا تعنيني لأنها بحكم الإيمان بالقضاء والقدر تبقى قضايا للشرق له وعليه ، أعيش كفايتي على السطح منذ أن أدركت أن لقمة العيش هي همي الأول ، وأن الفناء والتفاني لرغيف خبز وحفنة قمح هدفي الأول ولو برهن عقلي الناقص ، وحتى وأنا أكتب هذا المقال ، تأكدت مرارا وتكرارا قبلها من أن باب غرفتي محكم الغلق ، رغبة مني في محاولة التنفس تحت الماء ، وصدقا لم اتخذ قرارا بعد هل أذيل مقالي باسمي الحقيقي ، أم باسم مستعار فأنا أخشى على نفسي كثيرا المحاسبة والحساب ، وإن واتتني شجاعة التعبير ، فلا أثق كثيرا في قدرتي على مواجهة ما لا يمكنني تحمله ، وفي ساعتي هذه أدلي باعتراف فاضح وأخصه لي وأنفي عنه صفة العمومية حتى لا أتهم في غيري ، ما الذي يراد مني في الشرق ؟ ما الذي يراد؟المرأة هذا الكائن المكبل بالاتهامات منذ بداية الخليقة ، فهي أصل الخطيئة يوم خلقها الله من الضلع الأعوج ،وكأن الضلع الأعوج هو رمز لكل فعل شائن ومنحرف ، تجاوزت المشيئة في استئناس آدم بها لتخرجه من الفردوس بعد أن طمعها الشيطان في الملك والخلد ،فغررت بالعبد الذي علمه الله الأسماء كلها . فذاكرة التاريخ الذكورية لم ترحم المرأة ولم تجد التحرج في إلقاء عبء الخطيئة عليها ، ونفض كاهلي آدم منها ، ولم تتردد تفاسير الأئمة كالقرطبي والطبري ، ولا الميثولوجيات القديمة في تدغيم الإلصاق وتأكيده ، بل ذهب بعضهم كالإمام الغزالي ليرى في طمث المرأة ، ونفاسها ، ونقصان ميراثها ، وتزوج زوجها عليها ، ولزمها بالمحرم ، وفرض الحجاب عليها ، وكون الطلاق في يد غيرها ما هو إلا عقوبة سماوية جريرة الإثمية الأولى ، ونكاحها رق .

 وطاعة الزوج عليها مطلقة في كل ما طلب من نفسها مما لا معصية فيه ، وهي عورة في مجملها يجب حجبها وإخفاءها ، ولتكن من الحيوانات "كالغنمة " نافعة في كل شيء ، فهي وإن أتت ما أتت من صالح الأعمال فنصيبها قسم واحد في الثواب من ألف قسم باقيه للرجال ،ومع المخافة النصــــية القرآنية لكل الروايات لتي سربلت المرأة بالخطيئة ، والتي أوضحت تعرضهما للغواية معا ، ووقوع العقوبة لكليهما ، وتلقي آدم بعدها التوبة من ربه وحيدا نادما متحسرا . كان ينبغي للمقيدين للتاريخ أن يحددوا لآدم النصبية الأكبر من الذنب فهو مـــــن ابتدئ به الخلق وهو من علم ، وهو من شرف بسجود الملائكة عليه ، وحواء مــــــا هي إلا انشقاق ضلع من أضلاعه ، ومع ذلك لم يتوانئ المسجلين في تنقية آدم من الخطأ ، وأنه تعرض للدز والتحريض من طرفين هما الشيطان وحواء ، لتصبح المرأة بعدها قرينة الشيطان ، ونصف جنده ، ونصف سهمه ، ورسوله في حاجته "فما آيس الشيطان من امرئ إلا أتاه من النساء" ، و"النساء يعرفن أكثر من الشيطان فلا تأمن المرأة ولو كانت ميتة " ، " وإذا عجز الشيطان في مهمة أوفد امرأة " ، " وما لا يقدر عليه الشيطان تقدر عليه المرأة" ، "وحيثما ذهبت تبعها الشيطان" ،" ليصل الأمر إلى أن " للشيطان صورة تشبه المرأة" .ولقد وجد البعض الذريعة التي من خلالها يواصل حق الاستلاب والانتقاص من قدر المرأة ، مستغلا الخطاب الديني في الإساءة إليها ، والتحقير من شأنها ، مخولا لنفسه الحق في تقويمها ، وزجها داخل إطارا فقهيا وفيلولوجيا يحدد كيانها ، ويضيق وجودها ، ويحكم على درجة صلاحها وفسادها ،فالمرأة ناقصة دين وعقل ، " فلا يكتمل وجودها إلا برجل ، الذي تكتسب منه قيمة حياتها ، بحيث يداري بعقله أخلاقها ، ويوجه طيشها وسففها " ، ويقول ابن كثير في هذا المقام " المرأة ناقصة يكمل نقصها بلبس الحلي منذ تكون طفلة، وإذاخاصمت فلا عبارة لها فهي عاجزة عيبة ، فالأنثى ناقصة الظاهر والباطن فيكمل نقص ظاهرها وباطنها بلبس الحلي ، وأما نقص معناها فإنها ضعيفة عاجزة عن الانتصار ، لا عبارة لها ولا همة " ، فالحلي مادة تكمل النقص وتجمله ، ولكنها مع ذلك لا تسد مجمل النقص ولا تحجبه، ونصف أهل النار من النساء ، وأكثرهن حطب لجهنم ، مكفرات للعشير ، والمرأة فتنة من أكثر ما يخاف منها على الأمة ، فهي تحمل من الشهوة تسعة من أصل عشرة أجزاء عاشرها للرجل ، فهي متاع وأداة إشباع ، ويورد بعضهم من الأحاديث والأقاويل ما يؤسس لفكر مشوه حول المرأة في الإسلام ، فيعطي بهذا الفرصة للهجوم على الإسلام من خصومه ، ووصمه بالرجعية والتخلف من خلال تعامليته مع نسائه ، فتنشق الحناجر عن مطالبات بالتحرير والمساواة فوق ما تحتمله المرأة نفسها ، والأمر أشبه بجر الوبال – وللأسف من أهله - على دين عرف على أنه دين الرحمة والمحبة والتسامح والإنسانية والمساواة .ونسبت للرسول الكريم أحاديثا كثيرة تتنافى مع مبادئ الإسلام السمحة ، فتظهر النبي الكريم في مواقف عدائية وتميزية استعلائية ضد المرأة ،وتظهر المرأة في صورة لا تليق أن
تظهر بها مسلمة حاربت وناضلت وكانت صاحبة فضل كالرجل في نشر الدعوة والإيمان بالرسالة ، فربطت بحالة من الاستعباد المطلق المشرعن ، حتى ممارسة العبادات فهي بحاجة لإذن الرجل " لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه ، وما أنفقت من غير أمره فإنما يؤدى إليه شطره " ، وفي رواية أخرى " ولا تعطي شيئا من بيته إلا بإذنه ، فإن فعلت كان له الأجر وعليها الوزر " وبلغ التشديد على طاعة الرجل حتى قارب أمر السجود له ، فلما قدم معاذ بن جبل من الشام سجد للنبي ، فقال : ما هذا؟ قال : يا رسول الله رأيتهم يسجدون لبطارقتهم وأساقفتهم فأردت أن أفعل ذلك بك . قال : لا تفعل فإني لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد ، لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها . والذي نفسي بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها" ، وفي أمور المتعة والجنس ، فالمرأة لابد أن تكون مهيأة في أي وقت شاء الزوج ، وينبغي ألا تتمنع وتمنتع عند إتيانها وإلا وزرت، " وإذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت عليه لعنتها الملائكة حتى تصبح " ، " حق الزوج على زوجته إذا أرادها فراودها على نفسها وهي على ظهر بعير لا تمنعه" ، "حق الزوج على زوجته ولو كان به قرحة فلحستها ، وانتثر منخراه صديدا أو دما ثم ابتلعته ما أدت حقه " ، وفي وجوب مخالفة رأي المرأة ومشورتها ورد " شاوروهن وخالفوهن " ، وغيرها من المتون والأسانيد التي وضعت ديننا الإسلامي في دائرة المس والشك . وإنا من العجب حين نراجع التاريخ الإسلامي فنجد أن من المواقف ما يدين ويشجب هذاالتواطؤ التأريخي والأيدلوجي الموجه ضد المرأة ويضاربه ، فأول من آمنت بالرسول الكريم ودخلت الإسلام كانت امرأة ، ولم تعدم مشاركة المرأة في التنظيم السري في دار الأرقم بن الأرقم بعشر نساء ، وكان لها حضورامشرفا في بيعة العقبة الثانية بعدد امرأتين ، فلم يقصها الرسول من المشاركة في الدعوة كما حدث في بعض الثيوقراطيات الدينية ، وفيما يخص نظام التشاور والمشاورة ففي السنة النبوية ما يهدم قاعدة " شاوروهن وخالفوهن " ، فلا تزوج المرأة المسلمة إلا بعد التشاور معها ،وقد رد الرسول الكريم الكثير من العقود التي تمت دون رغبة البنت ، وقد أخذ برأي أم سلمه في صلح الحديبية عندما رفض الصحابة ذبح هديهم وحلق رؤوسهم للتحلل من الإحرام نتيجة ما شعروا به من إجحاف في الشروط ، وقراءة مستفيضة ومتأنية ومتفحصة لحياة كثير من الصحابيات لنجد الكثير من النماذج التي تكشف أن المرأة في الإسلام ظهرت بشخصية سياسية وفكرية وثقافية واجتماعية ودينية وقيادية وكان لها مشاركة في شتى مجالات الحياة في ذلك الوقت .نصل ختاما إلى أن واقع المرأة في العصر الحديث ظل رهن هذه الصراعات والتناقضات والموروث الفكري البغيض ، وعلى الرغم ما يشهده العالم من تقدم وطفرات ، ما زالت الكثير من الأذهان والذاكرات البشرية الذكورية تحتفظ بهذا الإرث وفق ما يخدم مصالحها ويحافظ على تفوقها ، رغم أن جيوب التاريخ لا تؤكد هذا التفوق لما ضم من حقبات زمنية تسيدتها إناث، وقبول تفوق المرأة ليس من الأمر السهل ، وليس من الأمر المألوف ، فهو فوق العادة مهدد بجملة المعايير والعادات والتقاليد والأصولية المحرفة ، ومع أن المجتمع الذكوري الآن أصبح لا يمانع في تعلم المرأة ، وخروجها للعمل ولكن استمر في تحفظه لتقبل ذلك على شكل محددات وفرائض على نوع العمل والتعليم ، ليس مشترطا نجاحها أو تميزها ولا يعول عليه إلا في نطاقات محدودة ، مما أفقد المرأة الثقة في نفسها وفي دورها ، وحد من مشاركتها لتنتهي عند فكرة المكان الطبيعي والعقل الناقص ، متعرضة لكثير من الانتقاد والبطش في أي محاولة حرف لوظيفتها الأساسية المتعارف عليه ، ومثلما تولدت فكرة الوأد عند الجاهلي دفعا للعار المحتمل حصوله ، يظهر الوأد بأشكال لا حصر لها في المجتمعات الشرقية الحديثة لنفس الخوف والتهيب مع اتساع أغراضه ، وكما رأى برنارد شو في أن الرجل الأبيض نجح في إقناع الزنجي الأسود بأنه لا يصلح إلا لما يقوم به من أعمال ، أقنعت المرأة بحيز تواجدها ، والهيراركية الطبيعية لمسار حياتها ، وهذا ما يفسر محدودية مشاركتها داخل المجتمع ، وما يؤخر تطور وتقدم المجتمعات العربية ، وما زلت المرأة العربية تعاني من أزمة الرهاب الاجتماعي ، حيث يعتمد على الشكلانية فقط في عكس صورتها الحديثة أمام الآخر ، ومن خلال منظومة الأخلاق السائدة ، نجد أن المرأة في تقييم أدوارها داخل مؤسسة المجتمع يخضع لهذه المنظومة المتحيزة للرجل ، والمشككة في قدرات المرأة ونزاهة ظهورها ومشاركتها .



__________________



" قال : أولم تؤمن ؟ قال : بلى ولكن ليطمئن قلبي "

زوار مجرتي

free counters
  • من أنا

    صورتي
    من كل فج عميق موغل في الجرح حجوا لزهرتهم وأتوا لقبلتهم أغراب في أحراش وحدتهم بكوا فتثلمت أحداقهم وتقيحت إنسان أعينهم دما كالتوت يتساءلون بعنت فطرتهم وجلف مسحتهم : وهل الملاك يموت ؟؟

    الفهرس

    المتابعون

تعريب وتطوير حسن